وإن وجب بذل قيمته.
ثمّ إنّ هنا قسما رابعا (١) وهو ما لو خرج المضمون عن الملكيّة مع بقاء حقّ الأولويّة فيه ، كما لو صار الخلّ المغصوب خمرا. فاستشكل في القواعد وجوب
______________________________________________________
وجه المنافاة : أنّ بقاءه على ملك مالكه يقتضي وجوب ردّه ، فيجب إخراجه مقدّمة لردّه. وهذا الحكم ينافي حكمهم بعدم وجوب الإخراج ، لكشفه عن عدم وجوب الرّدّ.
وأمّا وجه عدم المنافاة فهو : أنّ وجوب الرّدّ مقيّد بعدم استلزامه الضرر على الرادّ.
والحاصل : أنّ المنافاة ناشئة من الملازمة بين الملكيّة ووجوب الرّدّ ، فالملازمة منحصرة بعدم تضرّر الرادّ بالرّد ، لا مطلقا حتى في صورة التضرّر به ، فيمكن ان يكون مالكا ، ولا يحب على الغاصب ردّه لتضرّره به ، هذا.
لكن كلام المسالك آب عن هذا الحمل ، لأنّه قال ـ فيما لو خيف من نزع الخشبة هلاك مال غير الحيوان أو هلاك نفس السفينة ، والمال له أو لمن يعلم أن فيها لوحا مغصوبا ـ بأنّ فيه وجهين : «أحدهما ، وهو الذي يقتضيه إطلاق المصنّف ، وصرّح به الأكثر : أنّه ينزع أيضا ، كما يهدم البناء لردّ الخشبة ، ولا يبالي بما صنع ، لأنّ دفع المغصوب إلى المالك واجب على الفور ، ولا يتمّ إلّا بهذا. وعدوان الغاصب لا يناسبه التخفيف ، وهو الذي أدخل الضرر على نفسه ..» (١).
(١) غرضه أنّ الأقسام والتقادير الثلاثة المتقدّمة كانت بالنسبة إلى العين المملوكة ، الّتي خرجت عن الملكيّة أو الماليّة رأسا. ويبقى حكم قسم آخر ، وهو خروج العين عن الملكيّة ، وتعلّق حق الأولويّة بها ، كما إذا غصب خلّا فانقلب عنده خمرا ، فإنّه يجب دفع قيمة الخلّ إلى المالك ، وهل يجب ردّ الخمر إليه ـ أيضا ـ أم لا؟ استشكل العلّامة فيه.
فالوجه في وجوب ردّها هو استصحاب الحكم قبل انقلابها خمرا ، للشكّ في
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ١٣ ، ص ١٧٧.