.................................................................................................
__________________
فلو نوقش في الأدلّة المتقدّمة لكان تسالم الفقهاء على ما يظهر بالتتبّع في كلماتهم ـ من تعليلاتهم بالحيلولة على سببيّتها للضمان ، وأنّها من موجباته ـ كافيا في إثبات ذلك.
فلو كانت الوجوه المتقدّمة المحتجّ بها على ضمان بدل الحيلولة ضعيفة وغير معتبرة عندهم ، فالتعليلات المزبورة في كلماتهم كاشفة عن تسلّم سببيّة الحيلولة عندهم للضمان.
بقي أمور ينبغي التنبيه عليها :
الأوّل : أنّ مورد بدل الحيلولة على ما يستفاد من كلمات الأعلام صرف التعذّر ، لا التلف وما بحكمه ، كما إذا خرج المال عن الماليّة شرعا كالبهيمة الموطوءة ، أو عرفا كالمال المسروق الذي لم يعرف سارقه ، أو المال الذي غرق ، فإنّهما خارجان عن موضوع بدل الحيلولة ، فيختصّ مورده بوجود العين وإمكان الانتفاع بها في نفسها ، وانحصار المانع بالتعذّر. فلو خرجت العين عن قابليّة الانتفاع شرعا كالبهيمة الموطوءة أو عرفا كغرقها لم يكن من مورد بدل الحيلولة ، بل يحكم عليه بحكم التلف.
ولو شكّ في صدق التعذّر على بعض الموارد كما إذا غرق أو سرق ، ولم يحصل اليأس من الوصول إليه ، فبناء على كون حديث «على اليد» دالّا على وقوع المال بجميع خصوصيّاته ـ الّتي منها سلطنة المالك عليه ـ في العهدة يحكم بضمان هذه السلطنة. وبناء على عدم اقتضاء «على اليد» إلّا ضمان ماليّة المال عند التلف ـ لا ضمان شخص المال فضلا عن توابعه ، حتى يجب عليه الخروج عن عهدة ذلك مع بقاء العين ـ يكون الأصل براءة ذمّة الغاصب ومن بحكمه.
الثاني : هل المدار في التعذّر على التعذّر العقليّ المسقط للتكليف بردّ العين ، أو الأعمّ منه ومن العرفيّ؟ وجهان مبنيّان على ما تقدّم من الاختلاف في تقريب الأصل في المسألة. ولكن مقتضى الأدلّة عدم الفرق بين الصورتين ، لورود الضرر على المالك ، وفوت سلطنته في كلتا الصورتين. ففي مورد التعذّر العرفيّ وإن وجب على الضامن السعي في تحصيل العين ، إلّا أنّ هذا لا ينافي وجوب البدل في زمان السعي ، وذلك لإطلاق قاعدة «على اليد» وعموم السلطنة وقاعدة لا ضرر ، وغير ذلك من الأدلة التي أقاموها على ثبوت البدل واستحقاق المالك المطالبة به.