ثمّ (١) العموم في العقود
______________________________________________________
المبحث الثالث : عموم «كل عقد» هل يكون بلحاظ الصنف أو غيره؟
(١) هذا شروع في المبحث الثالث من مباحث الجهة الأولى ، وهو بيان المراد من العموم المدلول عليه بكلمة «كلّ» في قولهم : «كل عقد يضمن ..» أو بكلمة «ما» الموصولة في قولهم : «ما يضمن».
والوجه في عقد هذا المبحث هو : أنّ في العموم احتمالات ثلاثة ، بل أقوالا كذلك ، وتتفاوت الآثار المترتبة على كلّ منها ، فلا بدّ من تحقيق المسألة ، وينبغي الإشارة إلى أمرين مقدمة لتوضيح كلام المصنف قدسسره ، فنقول وبه نستعين :
الأوّل : أنّ هذا البحث لا يختص بأصل القاعدة ـ أعني به «كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» ـ بل يجري في العكس أيضا ، إذ الموضوع فيه «كل عقد لا يضمن بصحيحه» أو «ما لا يضمن» فيجري فيه احتمال نوع العقد أو صنفه أو أشخاص العقود التي ينشئها المتعاقدان.
الثاني : في بيان المراد بالنوع والصنف والفرد ، فنقول : إنّ «العقود» عنوان مشير إلى المعاملات القائمة بطرفين ، سواء تضمّنت معاوضة أم لا ، كالبيع والصلح والإجارة والهبة والجعالة والسبق والرماية والمضاربة والعارية والوديعة والوكالة والرّهن ونحوها ممّا هو معهود في الكتب الفقهية. ويعدّ كلّ منها نوعا ، فالبيع ـ بما له من الأقسام ـ نوع واحد ، لصدق تعريفه من «مبادلة مال بمال ، أو تمليك عين بعوض» على جميعها. وكذا الإجارة نوع واحد ، والصلح نوع ، وهكذا سائر العقود.
ثمّ إنّ لكلّ من هذه الأنواع أقساما هي أصناف ذلك النوع ، كبيع الصّرف والسّلم والحيوان والثمار والنسيئة والمعاطاة ، وبيع الدين وغيرها من الأقسام. وللإجارة أيضا صنفان ، هما إجارة الأعيان والأعمال. وكذلك للصلح أصناف ، فإنّه إمّا يفيد فائدة البيع أو الإجارة أو العارية أو الهبة أو الإبراء. وهكذا العارية ، فإنّها إمّا عارية النقدين وإمّا غيرهما ، والثاني إمّا مشروط بالضمان وإمّا غير مشروط به.