ثمّ (١) إنّ لفظة «الباء» في «بصحيحه وبفاسده» إمّا بمعنى «في» بأن يراد : كلّما تحقّق الضمان في صحيحه تحقّق في فاسده (٢).
______________________________________________________
المبحث الخامس : حرف «الباء» ظرفيّة أو سببيّة
(١) هذا شروع في البحث الخامس من مباحث الجهة الاولى ، وهو أنّ «الباء» في «بصحيحه وبفاسده» ظرفية أو سببيّة ، وغرضه قدسسره عدم التفكيك في الضمان بين العقد الصحيح والفاسد ، وأنّ كون الباء للظرفية أو السببيّة لا يوجب التفكيك المزبور.
توضيحه : أنّ الباء يستعمل في الظرفية كقوله تعالى (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) ويستعمل في السببيّة كقوله عزّ من قائل (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) وقوله (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ). فعلى الظرفية لا يلزم تفكيك في معنى «الباء» ، فإنّ المعنى حينئذ : أنّ الضمان يكون في كلّ من العقد الصحيح والفاسد.
وعلى السببيّة المطلقة الشاملة لكلّ من العلّة التامّة والناقصة لا يختلف الضمان فيهما أيضا ، لكون العقد في كليهما سببا ناقصا للضمان.
أمّا في الصحيح فلأنّه لو لم يتحقق فيه القبض لم يتحقق الضمان ، لقولهم : «وبالقبض ينتقل الضمان». وأمّا في الفاسد فلكون العقد سببا للقبض الذي هو منشأ للضمان. فللعقد دخل في الضمان في الصحيح والفاسد ، فالسببيّة ملحوظة في كليهما ومصحّحة لاستعمال الباء فيهما في السببيّة.
وبالجملة : فالعقد سبب ناقص للضمان والقبض متمّم له. ولذا لو تلف المبيع قبل القبض كان من مال بائعه ، بل وكذا الثمن. هذا في العقد الصحيح. وفي الفاسد يكون العقد مع الاقدام على القبض مصداقا لليد ، وسيأتي توضيحه.
(٢) وبناء على الظرفية لا يستفاد من القاعدة كون الضمان مقتضى العقد أو هو