ومما يلحق بهذه المحلة عمارة الهروي : محلها في جنوبي الفردوس بميلة إلى الشرق على بعد غلوة منه أنشأها الشيخ أبو الحسن (علي بن أبي بكر الهروي) السائح ثم في فتنة التتار خرب بعضها ولم يبق بها ساكن وخرب وقفها لأنه كان سوقا بالحاضر وهي الآن خراب لم يبق فيها سوى حجرة الضريح التي على مثال الكعبة وجميع حجارتها مكتوبة حكما ومواعظ وغير ذلك وقد رأيت في كتاب الإشارات في معرفة الزيارات لصاحب هذا القبر صورة ما كتبه على تربته فأحببت نقله. قال رحمه [الله] : نسخة ما على تربة العبد الفقير إلى الله تعالى مؤلف هذا الكتاب (كتاب الاشارات) وهي التي أنشأها لنفسه ظاهر محروسة حلب على الجادة الآخذة إلى محروسة دمشق على نهر غربي هذه التربة منقورة في الصخرة ما هذه صورته (بسم الله الرحمن الرحيم سبحان مشتت العباد في البلاد وقاسم الأرزاق سير قوما إلى الآجال وقوما إلى الأرزاق هذه تربة العبد الفقير الغريب الوحيد علي بن أبي بكر الهروي عاش غريبا ومات وحيدا لا صديق يرثيه ولا خليل يبكيه ولا أهل يزورونه ولا إخوان يقصدونه ولا ولد يطلبه ولا زوجة تندبه آنس الله وحدته ورحم غربته وهو القائل سلكت القفار وطفت الديار وركبت البحار ورأيت الآثار وسافرت البلاد وعاشرت العباد فلم أر صديقا ولا رفيقا موافقا فمن قرأ هذا الخط فلا يغتر بأحد قط :
طفت البلاد مشارقا ومغاربا |
|
ولكم صحبت لسائح وحبيس |
ورأيت كل عجيبة وغريبة |
|
ولقيت هولا في رخاء وبؤسي |
أصبحت من تحت الثرى في وحدة |
|
أرجو إلهي أن يكون أنيسي |
(وعليه) بنوا وعلوا ومضوا وخلوا (وعليه) لا ذاك دام ولا ذا يدوم (وعليه) كن من الفراق على حذر (وعليه) هذا الوداع فمتى الاجتماع (وعليه) السلامة في الوحدة والراحة في العزلة (وعلى الجانب الشمالي) لا مفر مما قضاه ولا مهرب مما أمضاه فالسعيد من سلم إليه وتوكل عليه ، (وعلى الجانب الشرقي) ما هذه صورته : بسم الله الرحمن الرحيم هذه تربة العبد الفقير إلى رحمة ربه علي بن أبي بكر الهروي وهو القائل ابن آدم دع الاحتيال فما يدوم حال ولا تغالب التقدير فلن يفيد التدبير ولا تحرص على جمع مال يتنقل إلى غيرك من لا ينفعك شكره ويبقى عليك وزره (وعلى عضادة الباب) ما هذه صورته بسم الله الرحمن الرحيم ما مر الزمان على شيء إلا غيره ولا على حي إلّا قبره ولا رفيع إلّا وضعه ولا على قوي إلّا وضعضعه (وعلى الباب) بسم الله الرحمن الرحيم عمر هذه التربة لنفسه