أثرا سوى تجسم الأحزاب في فرنسا بين البروتستانت والكاثوليك. وكانت الملكة ستوار تشايع الكاثوليك وتقاوم البروتستان حتى إنها أحرقت أخيرا شهيدة الكثلكة.
وقد طالت الحرب بين أهل المذهبين وأريقت الدماء وقتل عدد من الوزراء ووجوه القوم من كلا الفريقين ، حتى تملك أخيرا على فرنسا هنريكوس الرابع سنة ١٥٨٩ م / ٩٩٨ ه وكان بروتستانيا إلا أنه سنة ١٥٩٣ م / ١٠٠٢ ه ترك مذهبه وصار كاثوليكيا ليرتضيه الفرنسيون ملكا عليهم. وفي ذلك التاريخ دخل باريس وقد تمهدت العقبات أمامه فحسم النزاع بين الكاثوليك والبروتستان وأصدر أمرا يعرف بمنشور (تنط) منح فيه حرية الدين للبروتستان ، وأنهى الحرب مع إسبانيا بمعاهدة (ويروين) وأجرى بواسطة وزيره (سولى) عدة إصلاحات تتعلق بالزراع والطبعة السفلى من الشعب. وفي أيامه بنيت في إمريكا المدينة الإفرنسية الأولى المعروفة باسم (كيبك). ثم قتل الملك أحد المتحزبين المتطرفين ، واسم القاتل فرنسيس رارايك في ١٤ أيار سنة ١٦١٠ م / ١٠١٩ ه.
وكانت حدود فرنسة في تلك السنة على هذه الصفة ، وهي : أن هذه المملكة كانت تمتد من الجهة الشمالية إلى نهر السوم عدا شاطىء البحر حيث كانت تصل إلى مدينة كاله.
أما المقاطعتان الحاليتان (فلاندره) و (أرتوا) فإنهما كانتا ملحقتين بإسبانيا. وكانت فرنسة تملك من الجهة الشمالية الشرقية مدينة (متس) و (تول). وأما بلاد الألزاس واللورين و (الفوج) فكانت تخص مملكة ألمانيا وفي الشرق كان نهر السون يحد فرنسة ومقاطعة (البرسمونيو) على يمينه ملحقة بفرنسه وعلى يساره مقاطعة (الفرانش كونتى) ملحقة بإسبانيا. وكانت مقاطعة (الساوا) و (كونتيته نيسى) في الجنوب الشرقي خاصة (دوك سارا). وكانت مملكة فرانسة في جهة الجنوب منفصلة عن جبال البيريين بمقاطعة (الروسيون) التي كانت بعد إسبانيولية. وكانت مقاطعتا (البيارن) و (النافار) مستقلتين. وكانت المستعمرات الفرنسية محصورة في بلاد الكندة من إمريكا لا غير.
ولما قتل الملك هنريكوس الرابع كان ابنه لويس الثالث عشر لا يتجاوز التاسعة من عمره فنابت عنه أمه (ماري دي ميدى) من أسرة إيطالية معروفة ، فالتفّ حولها حاشية إيطاليانية أضرت بمصالح فرنسة كثيرا ، وهذه الحاشية تعرف بأسرة كونسينى ، فاضطربت