٤ يتقدم الذكر لتقدمه في عناية النذر فيذكر ـ إذا ـ تحسرا على فقده.
وإنها تتحسر عن فقد الذكر انه ليس كالأنثى ، فلا يتهم في خلوة البيت كما تتهم ، وهو أقوى من الأنثى ، وهو خلو من اعذار الأنثى ، وهو يصلح للنبوة وما أشبهها دون الأنثى ، و (إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) فهل من علاج أن تقوم الأنثى مقام الذكر وتفي بما يفي؟! فمما تقوي رجاءها في تحقق بغيتها (وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) : المرتفعة الغالبة ـ تتغلب على عراقيل الأنوثة ونقائصها وضعفها وما سواها ، وترتفع عن كل نقائص الانوثة والرجولة بجنب الله.
ثم (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ) لا هي فحسب بل (وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) مما يلمح صراحا انها ألهمت بمستقبل ذريتها ، وعلّ (لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) كقول الرب ألهمت إليها بعد قالتها نفس القول أم عنده.
(فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٧).
التقبل هو قبول على تكلف ، وإذ لا تكلف في قبول ربنا فقد يعني هنا منتوج كل تكلف في القبول ، وهو من ربنا يحلق على كل الفضائل والفواضل في القبول ، فلا رد فيه ولا افول ، بل هو قبول على مدار حياة مريم البتول سلام الله عليها.
فانه تقبّل في قبول نذرها ان تنوب الذكر ، وتقبّل في جعلها كالذكر ، ثم حسن زيادة حسنى على قبولها أن جعلها وابنها آية للعالمين.
وهنا نستوحي من تقبلها منعها عن الزواج ، ام وطهارتها عن الدماء ، فلتبق كالذكور وفوقهم إذ لم تحتج لرزقها الى خروج حيث ضمنه ربها.
هنا تقبّل رباني لمريم سلام الله عليها في مربعة الجهات هي :