أقدارهم عن تلاعب الشيطان بهم ، وان تخلط النداءان عليهم.
فإذا كانت الملائكة هي التي بشرته كما قال الله ، وقد جرت عادته الرسالية باستماع كلامها ، وألف مهابطها ، وثلج صدره بما تؤديه عن ربها ، فأي عاذرة له ـ إذا ـ في ان يعترضه الريب او يختلجه الشك.
ولو كان مرتابا في بشارته فكيف ينادي ربه فيها (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ ...)؟!.
(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (٤١).
هنا (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) وفي مريم (ثَلاثَ لَيالٍ) تتجاوبان في مجموع الثلاث الليالي والأنهار.
والآية المطلوبة هنا ليست آية لأصل البشارة كأنه شاك فيها ، وانما في زمنها حتى يحضّر نفسه في حالة خاصة وهالة من عبادة راصّة لاستقبال تلك البشارة والتفصيل الى سورة مريم (عليها السلام) حيث نفصل فيما فصل الله ونجمل فيما أجمله الله.
(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (٤٢).
هنا تشافه الملائكة مريم الطاهرة المصطفاة وحيا دون رسالة تحمل شرعة رسالية ، فلم تصيح به مرسلة من الله كالرسل ، وكما (أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) وحيان هما تقدمتان لوحيين رساليين موسوي وعيسوي (عليهما السلام) ، كما والمؤمنون المستقيمون (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي