ومكثت بالبيت تعبد ربها متحررة للخدمة ، مخلصة في القيام بالسدانة حتى صارت مضرب الأمثال ، لان ربها (أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا ...).
تقبلها ربها محررة للبيت ولا يحق لخادمة البيت ، والمنذور لتلك الخدمة ، المقبولة عند ربها ، لا يحق لها خدمة أخرى ، لزوج وسواه ، فلا تفكر ـ إذا ـ في زواج وسواه ما استلزم الخروج عن البيت ، او خدمته داخل البيت ، ولا تعرضها فكرة الخروج لأية حاجة إذ كانت مكفولة الرب في كل حاجياتها محررة بالبيت.
إذا ففكرة الزواج او اختيار خطيب لها نائية عن خلدها ، بعيدة عن تحررها ، لأنها تنافي ونذر أمها وتقبل ربها بقبول حسن.
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٤٣).
«ذلك» الذي أنبأناك من القصص (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) ومنها الاقتراع بشأن من يكفل مريم (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) وذلك بوحي من الله الى زكريا بشأن هذه الكفالة المختصم فيها بين القديسين (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ).
فقد كان هناك اختصام بشأن تلك الكفالة الكافلة لصالح مريم سلام الله عليها ، فلأن القرعة لكل امر مشكل ، أمروا بذلك الاقتراع حسما للموقف بما يشاء الله فيه ، وعلّه دون وحي خاص بكفالة زكريا رعاية لذلك الجمع القديس.
لقد كانت كفالتها فريضة بارزة لموقفها الخاص في تحررها ، فمن يكفلها إذا بين هؤلاء المختصمين بشأنها وهم كلهم صالحون؟ لا سبيل صالحة لتلك