وهكذا تكون كافة الآيات الرسالية لكافة رسل الله بأسرها في حصرها بالله ، دون تدخّل لهم فيها مستقلين فمستغلين ، ولا مخوّلين ، ولا شركاء لله في آيات الله ، فإنما هم رسل الله فيما يأتون به من آية رسولية أو رسالية ، ليس لهم من الأمر شيء تكوينا ولا تشريعا ، فانما هم حملة شرعة الله بعصمة ربانية تعصمهم عن الخطإ في البلاغ بأبعاده تحملا للوحي وإبلاغا وتطبيقا شخصيا وجماعيا.
ذلك! وكذلك الثلاثة الأخرى بأضرابها من آيات رسولية او رسالية : (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) وهو المولود مطموس العين ، أو أعم منه ومن الضرير بعد كونه بصيرا «والأبرص» الأبيض الجلد بعضا ، وهو داء معروف يصيب الجلد (وَأُحْيِ الْمَوْتى) وكل ذلك كما الطير في بعدية (بِإِذْنِ اللهِ) لا سواه : (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) (٥ : ١١٠) كذلك (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) بإنبائي ، آيات اربع تتجاوب في كونها آية للرسالة العيسوية (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
هذه خطوة أولى لهذه الرسالة السامية تثبت نفسها ، ومن ثم كتصديق لها وبيان لمادتها الأصيلة :
(وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) ٥٠.
فتصديق ما بين يديه من التوراة تصديق لرسالة الإنجيل فإن رسالات السماء تتجاوب في جذورها مهما اختلفت في بعض شواكلها ، إلا أن رسالة الإنجيل هي هي رسالة التوراة اللهم إلا في تحليل بعض المحرمات الابتلائية او العقابية : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ..) (٤ : ١٦٠) ومن هذه الطيبات : ـ (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ