أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات» (متى ٥ : ١٧ ـ ١٩) (١).
فالإنجيل تكملة وإحياء لروح التوراة ، ولروح الدين المطموسة في قلوب بني إسرائيل.
فالتوراة هي قاعدة الإنجيل ، حيث تحمل الشرعة التي يقوم عليها نظام المجتمع ولم يعدل فيها الإنجيل إلا القليل ، فإنما هو نفخة إحياء وتجديد لروح الدين ، وتهذيب وتليين للضمير القاسي الإسرائيلي.
ثم (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) تعني الآية الرسالية وعديدها ومديدها كوحيدها لأنها تتجه إلى جهة واحدة مهما توحدت أو كثرت.
فلما اكتملت الادلة الرسولية والرسالية وتبين القصد من هذه الرسالة ، إذا (فَاتَّقُوا اللهَ) عن خلافي «وأطيعون» فيما أدعوا اليه :
(إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ٥١.
ذلك هو أول الأحكام العقائدية المسيحية وكما في (مرقس ١٢ : ٢٩) : «أول الأحكام أن نعرف أن إلهنا واحد» و «ان الحياة الابدية معرفة الله بالوحدانية وان المسيح رسوله» (يوحنا ١٧ : ٣).
ذلك! فالهرطقات الدخيلة الكنسية الانجيلية في انه «ابن الله» (متى ٣ : ١٧) و «أول مواليده» (رعب ١ : ٩) وانه «هو الله والكلمة»
__________________
(١). وقد يشير هنا السيد المسيح (ع) بمن هدّم بناية شريعة الناموس وهو بولص ومعناه الصغير.