وخامسة هي موضع قدم ابراهيم من الحجر الموجود في المقام حيث هو الآن ، إذ أثرت قدمه المباركة حين بنى البيت وحين أذّن في الناس بالحج (١).
وسادسة ان الطيور المحلقة على فضاء المسجد الحرام ، تكسّر عند وصولها الى فضاء الكعبة ، اللهم إلّا شاردة ماردة ، فقد تراها ـ ككل ـ ممتنعة من العلو على البيت الحرام ، فلا يطير طائر إلا حوله من غير ان يعلو فوقه وقد تناصر الخبر وتواتر الأثر بذكره.
ولقد شاهدت أنا عند مقامي بمكة المكرمة في سنتين من سني هجرتي من شر الطاغوت الشاه عليه لعنة الله ، شاهدت متقصدا تلك الآية البينة ، فرأيت امتناع الطير من التحليق فوق البيت ، حتى لقد كنت أرى الطائر يدنو من مكان
__________________
ـ عن أبي عبد الله (ع) قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق وأعتق الحرم معه كف عنه الماء(روضة المتقين ٤ : ٤).
ثم لما تولى عبد الملك بن مروان الخلافة بعث الحجاج بن يوسف قائده فحارب ابن الزبير حتى غلبه فقتله ودخل البيت فأخبر عبد الملك بما أحدثه ابن الزبير في الكعبة فأمره بإرجاعها إلى شكلها الأول فهدم الحجاج من جانبها الشمالي ستة أذرع وشبرا وبنى ذلك الجدار على أساس قريش ، وهذه خامسة.
ولما تولى السلطان سليمان العثماني سنة (٩٠٦) غير سقفها ، ولما تولى السلطان أحمد العثماني سنة (١٠٢١) أحدث فيها ترميما ، ولما حدث السيل العظيم سنة (١٠٣٩) هدم بعض حوائطها الشمالية والشرقية والغربية فأمر السلطان مراد الرابع من ملوك آل عثمان بترميمها ، ولم يزل على ذلك حتى اليوم (١٤٠٥) هجرية ، ولم تعمر إلّا داخليا سنة (١٤٠٠) زمن الملك خالد.
فلا نجد في تاريخ الكعبة تهديما قاصدا هتكا لحرمتها إلّا من أصحاب الفيل ، وقد جعل كيدهم في تضليل!.
(١) في حسنة ابن سنان أو صحيحه على الأصح قال سألت أبا عبد الله (ع) (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) ما هذه الآيات البينات؟ قال : مقام إبراهيم حيث قام على الحجر فأثرت فيه قدماه ، والحجر الأسود ومنزل إسماعيل.