وكلما كان الاعتصام أقوم كان ثقل الأمة أعصم ، وإلى القمة العليا في زمن القائم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
فإنه من الثقلين ، يحكّم الثقل الأكبر وهو من الأصغر ، فلا تبقى ـ إذا ـ أرض إلّا نودي فيها بالتوحيد والرسالة الإسلامية.
إن آية الاعتصام هي القمة في محاور الأمر المؤكد في هذه الآيات التي تتبنى قوة المؤمنين ، فتقوى الله حق تقاته غير ميسورة إلّا بذلك الاعتصام ، وحين تتفلت أفراد من المؤمنين أو جماعات عن ذلك الاعتصام فهنا أمر وقائي للحفاظ على ذلك الاعتصام الذي يحتضن حق تقاة الله ، وقد تكفلته هنا آيتان فرضا لمثلث الدعوة الى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفصل آيات خمس فيها تنديدات شديدة بالمسودّة وجوههم المتخلفين عن حبل الله.
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٤).
(مِنْكُمْ أُمَّةٌ) في تكوين هذه الأمة دليل الكفائية في ذلك الفرض الجماهيري وقاية للامة ككلّ عن كل تشرد وتخلف ، وحماية لتحقيق الواجبات الفردية والجماعية ، حيث التخلف هو طبيعة الحال في أية امة من الأمم ، فواجب الوقاية لهم يفرض عليهم تكوين أمة داعية إلى الخير آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر «وأولئك» الأركام داعين ومدعوين (هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وخطاب «ولتكن» هو موجه إلى كافة المؤمنين ، دون خصوص الداعين لمكان «منكم» فعلى المؤمنين ككل تكوين هذه الأمة من أنفسهم ، انتخابا لنخبة صالحة إن كانت كائنة ، ام تكوينا لها ـ ان لم تكن ـ قدر الكفاية لواجب الدعوة والأمر والنهي.
وقد تعني «من» هنا التبيين إلى جانب التبعيض ، تبعيضا بالنسبة