القرار ، معروضة عليهم في دار الفرار ، نبهة لهم عن غفوتهم ، وأدركا بعد سهوتهم و :
(تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) (١٠٨).
«تلك» البعيدة المدى ، القريبة الهدى (آياتُ اللهِ) رسولية ورسالية (نَتْلُوها عَلَيْكَ (١) بِالْحَقِّ) ـ آيات بالحق ـ نتلوها بالحق ـ عليك حالكونك بالحق ، بسبب الحق ومصدره ، مصاحبة للحق ، لغاية الحق ، بيانا للحق ، (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) بل هم أنفسهم يظلمون ، وكما في حديث قدسي «خلقتهم ليربحوا علي لا لأربح عليهم» (١).
ف «تلك» المساير والمصاير ، تلك الحقائق البينة الصادرة من رب العزة غير السادرة ، «تلك» هي (آياتُ اللهِ) دون من سواه ، دالة بأنفسها انها ربانية المصدر والصدور ، (نَتْلُوها عَلَيْكَ) يا حامل الرسالة الأخيرة «بالحق» الثابت الحقيق بالبقاء دون نسخ ولا تجديف او تحريف (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) وهو القوي العزيز ، فإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف!.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (١٠٩).
وترى ماذا يعني رجوع الأمور إلى الله ، وهي في علمه وسلطانه ، غير خارجة عنهما ما وجدت؟ إنه تعالى ملّكنا في دار التكليف والامتحان أمورا نحن فيها مستخلفون ليبلونا أينا أحسن عملا ، ثم عند تقضّي هذه الدار وانتقال هذه الحال ترجع أمورنا المخيرة لنا الى الله مسيّرة علينا ، وكما كنا أجنة في بطون أمهاتنا دون حول ولا قوة إلّا بالله.
إن الأمور المسيّرة هي راجعة الى الله على أية حال حيث لا فاعل لها إلا الله ، فانما الأمور المخيرة هي الراجعة الى الله في يوم الله ، حيث الله يحاسبها
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٨ : ١٧٢ قال عليه الصلاة والسلام حاكيا عن رب العزة سبحانه : ...