الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ١١٤ وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) ١١٥.
إن اللّاسواء بين اهل الكتاب هو قضية عدل الله كما اللاسواء حاكم بين المسلمين وسائر الموحدين على شتات مذاهبهم ، ف «ليسوا» اهل الكتاب الماضي ذكرهم بسوء «سواء» ام (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) آخرين منهم ف (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) إذا هي ذات تعلقين اثنين.
فبمجرد أن فلانا يهودي أو نصراني لا يقضى عليه بذلة ومسكنة أماهيه من أحكام الكفرة العصاة المعتدين ، حيث العبرة الأصيلة في ميزان الله هي الإيمان بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات ، كما وأن مجرد اسم الإسلام والإيمان ليس لزامه الأمان من ذلك الحكم العدل الحكيم.
وهذه الآيات الثلاث تحمل عشرة كاملة من ميزات بين موجبات ومنتوجات لزمرة ـ مهما كانت قليلة ـ من أهل الكتاب ، تعدّهم أخيرا من المتقين.
وهذه ضابطة ثابتة في منطق القرآن أن الإيمان بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات ليست لتهدر على أية حال ، مهما كان حاملها كتابيا أو مسلما ، ف (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢ : ٦٢) (١).
وترى هنا (أُمَّةٌ قائِمَةٌ) تعني الكتابيين الذين آمنوا بشرعة الإسلام؟ وصالح التعبير عنهم «المؤمنين» او (الَّذِينَ آمَنُوا) لسابق كونهم كتابيين ثم
__________________
(١) راجع الفرقان ١ : ٤٣٤ ـ ٤٤٤ تجد قولا فصلا حول موضوع الآية فلا نعيد.