وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (١٣٨)
هذه الآيات تظهر كأنها منقطعة الصلة عما قبلها وما بعدها من عرض الغزوتين بدر وأحد ، ولكنها قريبة الصلة وعريقتها بالحرب حيث تأمر بمحاربة الأهواء والشهوات ، وتطهير النفوس ، فهي بين سلبيات وإيجابيات ، سلبا لكل ثلب وإيجابا لكل واجب.
فكما أن جهاد النفس وسط في جهاد الكفار ، كذلك آياتها تتوسط بين آيات الجهاد.
ولان الجهاد من أفضل سبل الله وهو بحاجة إلى انفاق النفيس كإنفاق النفس ، فلا بد ـ إذا ـ من التحريض إلى الإنفاق ، وليس المرابي ولا سيما بالأضعاف المضاعفة ممن ينفق ، فليترك الربا ثم لينفق ، ثم ليسارع الى مغفرة الرب.
ولان المشركين كانوا يأخذون الربا أضعافا مضاعفة لينفقوا في سبيل حرب المسلمين ، فخيّل الى المسلمين انه ليس محظورا حيث يصرف في حرب المشركين ، وأن الجو يومذاك كان ـ ككل ـ جو أكل الربا أضعافا مضاعفة ، لذلك تتقدم آية النهي عنها في هذه الآيات التسع الوسيطة بين الغزوتين :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ١٣٠.
لقد أسلفنا قولا فصلا حول الربا بتضاعيفها وكل حقولها على ضوء آية البقرة ، فإنما علينا هنا أن نقف عند أضعاف مضاعفة دون إعادة لما مضى.
أترى أن هذا النص يحرّم من الربا ـ فقط ـ أضعافا مضاعفة ، ليتوارى