اجل (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) فليس منه الا الخير مهما كان عندنا شرا وإيلاما ، فقد يمنع عن سلطة شريرة رغم توفر شروطها حفاظا على الأهم في صالح الحكمة الربانية ، ام لا يمنع تحريرا لاختيار السوء وإملاء لصاحبه وآخر لآخرين قدموا له ام سكتوا ام لم يقصّروا ، فكل الأفعال الشريرة لها واجهة شر هي شرارة الفاعل بعقيدته ونيته وعمليته ، وواجهة خير هي تحقيق الاختيار وتعذيب المختار بسوئه واملاءه ومن ثم إبلاء الآخرين.
وقد يأتي الشر خيرا مما في تركه كما قد يأتي الخير شرا مما في تركه ، ف (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)!.
(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ٢٧.
آية الإيلاج هذه ونظائرها في سائر القرآن هي من أدلة كروية الأرض ، فليست الآفاق لوقت واحد ليلا ولا نهارا ، بل هي تقتسم إلى ليل بساعاته ونهار بساعاته وهما يتداخلان حسب مختلف الفصول كما يصلح في الحكمة العالية الربانية.
وهذه عبارة عبيرة لابقة لمحة عن كروية الأرض ، ان ما ينقصه من النهار يزيده في الليل وما ينقصه من الليل يزيده في النهار ، ولفظ الإيلاج هو ابلغ الألفاظ تعبيرا عن ذلك التناقص لأنه يفيد إدخال كل واحد منها في الآخر بلطيف الممازجة وشديد الملابسة فيصبح جزء من الليل نهارا وآخر من النهار ليلا.
ذلك ـ وكما الإخراج للحي من الميت وللميت من الحي فاعلية حكيمة أخرى هي الأخرى من صالح التدبير.