ولأن التقية هي وقاية الأهم بتفدية المهم فليراع فيها الأهم من المهم دونما فوضى جزاف ، ان يتقى بأس الكافر في خطر دخولا في الأخطر ، فانما التعرض للهلاك حفاظا على ادنى منه محظورا هو خلاف التقية المحبورة (١).
فمن الايمان حفظ الأوجب في الايمان تفدية للواجب فيه كضابطة ايمانية صارمة ، إذا ف«لا ايمان لمن لا تقية له» (٢) كما وان «التقية في كل شيء يضطر اليه ابن آدم فقد أحله الله له» (٣) و «التقية ترس الله بينه وبين خلقه» (٤) ولا ترس إلا في المعركة ففي معركة الصدام بين الأهم والمهم دور للتقية دائر حفاظا على الأهم ، ولا بد ـ إذا ـ من تمييز الأهم في شرعة الله اجتهادا او تقليدا صالحا.
فالتقية قد تكون واجبة حينما يحافظ بها على الأهم المفروض ، أم محرمة حينما يهدر الأهم فيصبح المرفوض كتقية السحرة من فرعون الطاغية ، وثالثة
__________________
ـ اجتنبوا هؤلاء النفر من يهود واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم فأبى أولئك النفر فأنزل الله فيهم (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ ..).
وفيه أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار ويتخذوهم وليجة من دون المؤمنين إلّا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين أولياء فيظهرون لهم اللطف ويخالفونهم في الدين وذلك قوله : إلّا أن تتقوا منهم تقاة.
(١) نور الثقلين ١ : ٣٢٥ في الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين (ع) حديث طويل يقول فيه لبعض اليونانيين : وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله يقول (لا يَتَّخِذِ ... إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) ـ وإياك ثم إياك أن تتعرض للهلاك وأن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك ، معرّض لنعمك ونعمهم للزوال ، مذل لهم في أيدى أعداء الدين وقد أمرك بإعزازهم.
(٢) المصدر في تفسير العياشي عن الحسين بن زيد بن علي بن جعفر عن محمد عن أبيه عليهم السلام قال : كان رسول الله (ص) يقول : لا إيمان ... ويقول قال الله : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً).
(٣) المصدر عن جماعة من أصحاب الباقر (ع) سمعناه يقول : «التقية ...».
(٤) المصدر عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال : ...».