وهكذا يجاب عن غائلة العصيان في الرسول المعصوم ، انه اصطفي رسولا بعد توبته النصوح ، الكاملة الكافلة لتركه على طول خط الحياة الرسالية ، كما فصلناه في طه والبقرة ، وهنا الاصطفاء الاوّل لآدم يعني الاولية الزمنية ، لا في الرتبة.
ثم (نُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ) المصطفين (عَلَى الْعالَمِينَ) تشمل كافة المرسلين والنبيين ، فنوح ـ وهو أول اولي العزم ـ اوّل من دارت عليه رحى ولاية العزم الرسالية.
(وَآلَ إِبْراهِيمَ) تعني ابراهيم وآله الابراهيميين رسلا ونبيين ، منذ إسماعيل إلى خاتم النبيين وعترته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين (١) ومنذ إسحاق ويعقوب وسائر الرسل الاسرائيلين (عليهم السلام) ، وهنا يختص
__________________
ـ وما أجاب به علي بن محمد بن الجهم في عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم حديث طويل يقول فيه الرضا (ع) أما قوله عز وجل في آدم (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض وعصمته يجب أن تكون في الأرض ليتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلما أهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل (إِنَّ اللهَ اصْطَفى ...).
وفيه في باب مجلس آخر للرضا (ع) عند المأمون في عصمة الأنبياء حديث طويل وفيه يقول : وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك بذنب كثير استحق به دخول النار وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة قال الله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) وقال عز وجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ ...).
(١) الدر المنثور ٢ : ١٧ ـ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله (وَآلَ إِبْراهِيمَ) قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد (ص) ، وفيه عن قتادة قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ففضلهم على العالمين فكان محمد (ص) من آل إبراهيم (ع).