هنا «لا تهنوا» تنزل بعد الهزيمة وبعد الأمر بالعزيمة بملاحقة المشركين ، كما يروى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رجع من أحد فلما دخل المدينة نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال يا محمد إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلّا من به جراحة فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مناديا ينادي يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت به جراحة فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم فاقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فأنزل الله على نبيه (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ ...) و (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ...) «فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح» (١).
هنا (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) تبشر بطليق العلو للكتلة المؤمنة على الكافرين ، علوا في المواجهة في الحرب الحارة والباردة وفي كل عزة وسودد ، ولكن شريطة كامل الإيمان.
ثم (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) تهديدة بعدم الإيمان الصالح لمن يهن ويحزن (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ).
(أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) منهاجا وهّاجا ، وحجاجا مبلاجا في شرعة الله ، فمهما كان للباطل جولة فان للحق دولة ، كما أن لكتلة الإيمان وراثة الأرض (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
فلا مسّ القرح ولا القتل يحق أن يوهن صميم عزم المؤمنين فان لهم إحدى الحسينين :
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٩٥ عن تفسير القمي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ...