(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ١٤٠.
هنا أسباب تقتضي (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) : ١ الإيمان : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) و ٢ (اللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) و ٣ «ان يمسسكم قرح فقد مس القوم مثله ـ إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون» ثم ٤ (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) ومن ثم ٥ (تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) ٦ وليعلم ... ٧ ويتخذ ... ٨ وليمحص. أركان ثمانية لذلك العلو العال ، تحلّق على كافة المعارك الدموية ، وهذه الثمان عدد أبواب الجنة تحتصر في (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) (٩ : ٥٢).
فأما (تِلْكَ الْأَيَّامُ) فدولة الحق فيها للناس ودولة الباطل للنسناس ، ف «ما زال منذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لإبليس فأين دولة الله أما هو إلا قائم واحد» (١) ، والدول هو النقل والمداولة هي المناقلة ، ومداولة الأيام بسرّائها وضراءها بين الناس هي مناقلتهما بينهم دون ان تستقر أيام السراء في ناس وأيام الضراء في ناس آخرين.
ولماذا تلك المداولة في تلك الأيام وانما الدولة للحق دون الباطل؟
(تِلْكَ الْأَيَّامُ) لا تقصد دولة الحق حتى تداول بين اهل الحق والباطل ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٩٥ في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله : «تِلْكَ الْأَيَّامُ ..».
وفي الدر المنثور ٢ : ٧٩ ـ اخرج ابن المنذر عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : ان للحق دولة وان للباطل دولة ، دولة من دولة الحق أن إبليس امر بالسجود لآدم فأديل آدم على إبليس وابتلى آدم بالشجرة فأكل منها فأديل إبليس على آدم.