يشهدونهما وما هم بمؤمنين ، ولا من يشهد فعل الواجبات وترك المحرمات ، فإنهم المؤمنون المعلمون ككل (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ) تبعيض ، مهما كان (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ..) (٥٧ : ١٩) فإنهم من شهداء الحق عند ربهم حيث هم صديقون في إيمانهم ، وهم درجات عند الله ، ذلك ، فكذلك الشهداء في الدعاوي حيث تكفي فيهم العدالة او الثقة.
فهم ـ إذا ـ الشهداء على العالمين يوم الدنيا وعلى اعمالهم يوم الدين : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٣٩ : ٦٩).
و «الشهداء» هنا بعد النبيين هم الصديقون وأصلح الصالحين التالين للصديقين كما وهم يتلون النبيين ، ثم بعدهم أجمع سائر الصالحين كما في آية المنعمين.
وقد تشمل الشهداء ، المستشهدين في سبيل الله المخلصين الذين لا يشوبهم في هذه السبيل أي دخيل ، إلا مرضات الرب الجليل (١).
ثم (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) دفع لأوهام طارئة كأن يقال دولة الظالمين بمشيئة الله دليل ان الله يحبهم.
وهكذا يمضي السياق قدما ليكشف عن الحكمة الكامنة وراء (تِلْكَ
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٧٩ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما ابطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير فقالت امرأت من الأنصار من هذان؟ قالوا : فلان وفلان ، أخوها وزوجها ، او زوجها وابنها فقالت : ما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالوا : حي ، قالت : فلا ابالي يتخذ الله من عباده الشهداء ونزل القرآن على ما قالت : ويتخذ منكم شهداء.