الميراث في كل قليل وجليل مما ترك الوالدان والأقربون للرجال والنساء على سواء مهما اختلفت الأقدار حسب مختلف الأقدار والقرابات في ميزان الله (١).
فشرعة القرآن تقرر أصل الميراث حقا ثابتا وفرضا صامدا للأقربين نسبا وسببا ، حسب مراتبهم وأنصبتهم ، المسرودة في التالية من آي الميراث ، تطبيقا للنظرية الإسلامية السامية في عامة التكافل بين أفراد الأسرة ، المحلّقة على الأحياء والأموات ، في الحياة وفي الممات ، فكما على الوالدين والأقربين كفالة الأسرة المحتاجة قدر الحاجة في حياتهم ، كذلك الله قرر في أموالهم فروضا لهم حسب مراتبهم ، إضافة إلى تبصرات لموارد الحاجات كالثلث الموصى به للأكثر حاجة أو غير الوارث لبعد القرابة أو فقدها ، وكحضور القسمة لأولى القربى المحرومين وكذا اليتامى والمساكين : (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً).
في ذلك التنظيم الاقتصادي العادل الحافل يجد كل ذي حاجة من الأقارب
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٢٢ ـ أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الصغار الذكور حتى يدركوا فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيرا فجاء ابنا عمه وهما عصبة فأخذا ميراثه كله فقالت امرأته لهما تزوجا بهما وكان بهما دمامة فأبيا فأتت رسول الله (ص) فقالت يا رسول الله (ص) توفى أوس وترك ابنا صغيرا وابنتين فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه فقلت لهما تزوجا ابنتيه فأبيا؟ فقال رسول الله (ص) ما أدري ما أقول فنزلت (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ ...) ثم نزل بعد ذلك : (يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) ـ إلى قوله ـ «عليما» ، ثم نزل (يُوصِيكُمُ اللهُ ـ إلى قوله ـ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) فدعى الميراث فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفيه أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أم كلثوم وابنة كحلة أو أم كحة وثعلبة بن أوس وسويد وهم من الأنصار كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت يا رسول الله (ص) توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث من ماله فقال عم ولدها يا رسول الله (ص) : لا تركب فرسا ولا تنكأ عدوا يكسب عليها ولا تكتسب ، فنزلت (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ ..).