فالموردان مختلفان حيث الاولى تقرر أنصبة المواريث والثانية تقرر الواجب فيها بعد ثبوتها وكما تجب سائر الحقوق المالية ، فالآيتان لا تختلفان حتى يصح النسخ او يحتمل ، فليست هي منسوخة (١) ولو كانت مخصصة مقيدة ، والنسخ في مصطلح الحديث يعم التخصيص والتقييد إلى مصطلح النسخ بين الفقهاء وهو ازالة الحكم عن بكرته.
ذلك وقد تكفينا آية النصيب المفروض السالفة حسما لغائلة النسخ حيث التالية ليست لتنسخ بالسالفة دون واسطة فانه خلاف الترتيب الصالح في تأليف الآيات الذي لم يكن إلا بوحي ، ثم التالية لها لا تنسخها لاختلاف الموردين. فمع أن لكلّ نصيبا مفروضا ، على كل ان يرزق اولي القربى واليتامى والمساكين من نصيبه المفروض (إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) اللهم إلّا من الثلث الموصى به والدين ونصيب الوارث اليتيم ، وقد يكون هذه الثلاث هي المخصصة لآية الرزق المعبر عنه بالنسخ.
وعدم القائل بالوجوب ام قلته لا يحوّل النص ـ او الظاهر كالنص ـ الى الندب فهنا أمران (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) ولا يدل القول المعروف على الندب بل هو على بالغ الوجوب أدل ، أنه إذا رزقوهم او قل رزقهم ام لم
__________________
(١) مجمع البيان في الآية قولان أحدهما أنها محكمة غير منسوخة وهو المروي عن الباقر (ع).
وفي الدر المنثور ٢ : ١٢٣ عن ابن عباس قال : هي قائمة يعمل بها ، وعن حطان بن عبد الله قال : قضى بها أبو موسى ، وعن يحيى بن معمر قال : ثلاث آيات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من الناس (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ..) وآية الاستئذان والذين لم يبلغوا الحكم منكم وقوله إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية.
وفيه عن ابن عباس قال : إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ..) لا والله ما نسخت ولكنه مما تهاون به الناس ، هما واليان وال يرث فذاك الذي يرزق ويكسو ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا يقول انه مال يتيم وما له فيه شيء.