حال ، وليس القاتل ـ إذا ـ إلّا عاملا من عمال الله في إذنه للموت؟.
والجواب أن الأجل بين محتوم ومعلّق ، ولا مرد للمحتوم سواء خرجت من بيتك في سبيل الحق او الباطل ، فقد يأتيك الأجل المقرر.
فالتارك للقتال خوفة عن القتل ليس يتركه الأجل المحتوم بتركه وسواه.
وأما الأجل المعلق ، فقد يعلق على محظور محذور كالاسباب المحرمة للموت فحذار حذار منها ، فان مات بذلك الأجل فبتقصيره تكليفا وإذن الله تكوينا ، وقد لا يأذن فلا يموت ، او يعلق على سبب مشكور فبتطبيقه واجبه امام الله وبإذن الله ، وقد لا يأذن فلا يموت.
فالموت بأجل معلق على تشريع الله وتكوينه موت محبور حيث اذن الله كالقتيل في سبيل الله ، وهو معلقا على اجل في التكوين دون التشريع محظور إذا كان باختياره ، وهو لا محبور ولا محظور إذا لم يكن باختياره.
ففي ملتقى المشيئتين الإلهيتين للموت هو مشكور وصاحبه شهيد ، وفي مفترقهما ان يموت دون اذن في شرعة الله فليس مشكورا وهو محظور إن أقدم عليه بعلم واختيار.
وترى (كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ) كتابة شرعية؟ وقتل المؤمن في الجهاد هو فعل الكافر فكيف كتب؟ إنها كتابة تكوينية بما يعلم الله ان نفوسا يموتون عند أجلهم قتلى ، ولا تنافي هذه الكتابة في علم الله وتقديره إختيار المتقاتلين في القتال ، فلا القاتل مسيّر ولا المقتول ، بل هما مخيران في أسباب القتل وانما الموت المسبب عنه بيد الله : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) ، وهو كتابة شرعية حيث امر الله ، فالشهادة هي مجمع الكتابتين.
ذلك ـ (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) في هذه المعارك المكتوبة عليكم (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).