الله عليه وآله وسلم) قد يحرمهم أنصبتهم من الغنيمة فاستزلهم الشيطان بهذه الزلة التي كسبوها ، فعصوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتركوا مقاعدهم (١).
ذلك ولكن الآية تصور صورة دائمة للنفس البشرية حين ارتكاب الخطيئة أنها تفقد ثقتها في قوتها ويختل توازنها وتماسكها فتصبح عرضة لكل عارض من الوساوس والهواجس وعندئذ يجد الشيطان سبيله الى هذه النفس الفاترة ، فيقودها إلى زلة بعد زلة ، حتى ينقطع بهم في تيه الضلالة ومتاهة الغواية.
وانما (عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) هنا زلتهم بعد زلة لأنهم بعد مؤمنون مهما أخطأوا ، وتاركون لقسم كبير من الكبائر وهم في خضمّ القتال في سبيل الله : ف (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٨٩ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ان الذين تولوا منكم ـ يعني انصرفوا عن القتال منهزمين يوم التقى الجمعان يوم احد حين التقى الجمعان جمع المسلمين وجمع المشركين فانهزم المسلمون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبقي في ثمانية عشر رجلا انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا يعني حين تركوا المركز وعصوا امر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال للرماة يوم احد لا تبرحوا مكانكم فترك بعضهم المركز ولقد عفا الله عنهم حين لم يعاقبهم فيستأصلهم جميعا ان الله غفور حليم فلم يجعل لمن انهزم يوم احد بعد قتال بدر النار كما فعل بدر فهذه رخصة بعد التشديد.