ولأن المنة ليست إلا على ما فوق الواجب ، فضلا بعد عدل ، فقد حملت هذه الرسالة السامية واجب الدعوة ونفلها ، جامعة بين العدل والفضل قدر الإمكان منهما والحاجة إليهما للعالمين أجمعين ، ولا نرى منّا في رسالة على أمة من الأمم إلّا على هذه الأمة المرحومة بتلك الرحمة الغالية المتعالية ، فهل يخلد بخلد عاقل بعد انه (صلى الله عليه وآله وسلم) يغل وهو الأمين قبل رسالته عند الكل ، فكيف لا يكون أمينا بعدها ، وهو الأمين لدى الناس قبل رسالة الله فكيف لا يكون أمينا لدى الله بعد ما ائتمنه برسالته العليا!.
فالانشغال بغلول الغنيمة وغير غلولها ـ وهو السبب المباشر لقلب الموقف في أحد ـ بعيد كل البعد عن حامل تلك الرسالة العظمى ، حيث تبدو غنائم الأرض وأسلابها وأعراضها وكل ما عليها تافها زهيدا أمامها ، فليمت خجلا التافه السخيف الرذيل الذي يمس من كرامة ذلك الفضيل بغلول في ذلك التافه الرذيل.
ثم الامة المؤمنة التي غنمت هذه الرسالة الممنونة عليها ، المشكورة فيها ، لا يجدر لها أن تتحرى عن المغانم المادية ، ولا سيما التي فيها عصيان الرسول وخسارة الحرب.
(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ