أرواحها ، فهي الأبدان الخاصة بأرواحها دون خليط الأجزاء المستعارة ، الأصيلة لغيرها أم غيرها وسواها كما فصلت في آيتها الخاصة : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ. قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (٣٢ : ١١) فقد سقط سؤال «هب هذه الجلود عصت وعذبت فما بال الغير؟ حيث الجواب : هي هي وهي غيرها ..» (١) لمكان «بدلناهم» دون بدلنا لهم ، فالمبدّل جلودا غيرها هو نفس المنضوجة لا سواها ، فالمبدل إليه هو نفس المبدل مادة ومثله صورة وليس التبديل إلّا في الصورة البدنية دون مادتها.
ثم الجلود المنضوجة ليست هي بنفسها المدركة نضجها ، وإنما تدركه أرواحها ، حيث تذوق الأرواح ما عملت بعمالها الجلود بوسيطها كما تذوق ما عملت دون وسيط الجلود ، ذوق روحي بتخلف الروح في نفسها ، وذوق جسمي يدركه الروح بما عملت بجسمها.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً) غالبا قديرا على ذلك النضج العميم «حكيما» في
__________________
(١) في مجالس الشيخ بإسناده عن حفص بن غياث القاضي قال : كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد عليهما السّلام لما قدمه المنصور فأتاه ابن أبي العوجاء وكان ملحدا فقال : ما تقول في هذه الآية (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ)؟ هب هذه الجلود عصت فعذبت فما بال الغير؟ قال أبو عبد الله (ع) ويحك هي هي وهي غيرها ، قال : أعقلني هذا القول ، فقال له : أرأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى هنتها الأولى ألم تكن هي هي وهي غيرها؟ فقال : بلى أمتع الله بك.
وفي الدر المنثور ٢ : ١٧٤ ـ أخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم وابن مردوية بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر قال قرء عنه عمر هذه الآية فقال معاذ عندي تفسيرها : تبدل في ساعة واحدة مأة مرة فقال عمر هكذا أسمعت من رسول الله (ص).
أقول : يعني سمعت تفسيرها لا لفظ الآية فإنه خلاف نص الآية.