(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ... وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) (٢٣ : ٨).
وكلما كانت الأمانة أهم وأهلها أعظم فردها إليه أتم وحملها آثم ، والإنسان بكل كيانه من أمانات الله ، لا بد أن يرد نفسه إليه دونما عيب ولا ريب كما خلق الله وأراده منه في شرعته.
ثم أمانة القيادة روحية وزمنية فإنها بعد الله ـ وفي حضنه ورعايته ـ خاصة بأصحاب الوحي وخلفاءهم المعصومين (عليهم السّلام).
والمأمورون برد الأمانات الى أهلها ، هم أعم ممّن أئتمن أمانة فعليه ردها الى أهلها ، والذي حملها ولمّا يردها فليردها الى أهلها ، فالخلافة الإسلامية هي أمانة ربانية كما الرسالة لا بد وأن ترد الى أهلها الخصوص من المنصوص على خلافتهم.
وهنا من المأمورين برد الأمانات الى أهلها هم أهل الكتاب ، فعليهم أن يردوا أمانات البشارات المحمدية الى أهلها رسولا ومرسلا إليهم ، كما وعليهم التخلّي عن دعوى الرسالة الدائمة الإسرائيلية الى الرسالة المحمدية الإسماعيلية حسب الموعود المسرود في كتابات الوحي.
ذلك وكما أن على كل رسول أن يرد أمانة الرسالة الى رسول بعده أو إمام وعلى كل إمام أن يرد أمانة الإمامة إلى إمام بعده ، سلسلة موصولة بين الرسل وخلفاءهم وحلفاءهم أن يؤدي كلّ دوره المفروض في حقل الأمانات الرسالية.
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ ... وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) في كل جليل وقليل ، فلأن الحكم هو في الأصل لله تعالى شأنه في كل حقوله ، فليكن الحاكم بين الناس حاكما بأمر الله وله أهلية الحكم ، سواء أكان حكما في المرافعات الخاصة ، أو الأحكام العامة ، وفي الثانية سواء أكان حكما روحيا أم