وآية الاعتصام بحبل الله توحّدها في حبل واحد هو ـ طبعا ـ القرآن ، ومن ثم نبي القرآن وكما يقرر القرآن : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٤ : ٨٠) فلا مطاع ـ إذا ـ إلّا الله في محكم كتابه ثم الرسول في سنته الجامعة غير المفرقة.
وإذ لا مجال لطاعة الله إلا بوسيط الرسول الحامل لشرعة الله ، فما طاعة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المضافة الى طاعة الله إلا طاعة أخرى الله هي أيضا بوسيط الرسول ، فهنا إذا طاعتان اثنتان ، لا بد وأن الأولى هي طاعة الله في محكم كتابه ، الذي هو بنفسه دليل على وحيه وحتى إن لم يكن هناك رسول ، ثم الرسول الثابت رسالته بالكتاب هو متّبع في بعد ثان على ضوء الكتاب ، وذلك في سنته الموحاة إليه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شرحا وتبيينا وتأويلا للكتاب وفي كل الأحكام الرسالية المحلّقة على كل أحكامه بين الناس كرسول قائدا روحيا وزمنيا : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) (٤ : ١٠٥) إراءة في كتابه ـ وسواه ـ خاصة به كرسول ، فكما أن أصل الكتاب معصوم كذلك تفسيره وتأويله الرسولي معصوم.
وكما أن طاعة الله طليقة دونما حدود ولا قيود لأنه الله ، كذلك طاعة الرسول لأنه رسول الله لا يصدر إلّا عن الله ، ف (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).
ولأن (أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أيّا كانوا لا يوحى إليهم من كتاب أو سنة ، لذلك دمج طاعتهم في طاعة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم أرجع كل أمر متنازع فيه بين المؤمنين ـ ومنها أمر أولى الأمر ـ إلى الله والرسول ، كما ومنها الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) ، المختلف فيها بين المؤمنين صدورا لها أو وجه الصدور ، فترجع الى الكتاب والسنة الثابتة.
وهنا تتجاوب هذه الآية مع أحاديث العرض على الكتاب والسنة حيث