سَبِيلِ اللهِ) إذ (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) كرأس الزاوية الرسالية ، ثم (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) وبهذه القطعية في التكليف رسوليا ورساليا (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ..).
ولقد خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى بدر الصغرى وكان أبو سفيان واعده اللقاء فيها فكره بعض الناس أن يخرجوا فنزلت هذه الآية فخرج (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما معه إلا سبعون رجلا ولم يلتفت الى أحد ولو لم يتبعه لخرج بنفسه تطبيقا لأمر ربه.
وهنا نتعرف الى مدى الشجاعة المحمدية التي لا قبل لها حيث يؤمر وحده لقتال المشركين ، فمهما كان الجهاد فرض كفاية على المؤمنين فإنه فرض عين على هذا النبي العظيم (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فيا لنبي الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حينذاك من موقف مجرح محرج أن يصل التباطؤ عن القتال لحد يؤمر النبي بنفسه لحضور المعركة مهما كان وحده ، وفي الحق إنه أحرج المواقف التي مضت على الرسول الأمين والمؤمنين.
(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) ٨٥.
مورد الشفاعة الحسنة والسيئة هنا هو القتال في سبيل الله ، ولكن النص يشمل كل شفاعة حسنة أو سيئة في كافة الأحوال ، وشفاعة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في كل الحقول الرسالية ، تعليما وعظة وتحريضا وأمرا ودعاية هي قمة الشفاعات الحسنة (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).
فكما الجائي بالحسنة له أجر والجائي بالسيئة عليه وزر ، كذلك المتعاون معهما والشفيع لهما شريك معهما في أجر الحسنة ووزر السيئة ولا ينقص أولاء من أجورهم أو أوزارهم شيء.