فالحكمة الحكيمة في (تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أنه تعويض للمجتمع المسلّم عن قتل نفس مؤمنة باستحياء نفس مؤمنة أخرى ، فإن التحرير إحياء ميسور فإن أصل الإحياء غير ميسور.
وأما (دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) فهي تسكينة متينة مكينة لثائرة النفوس وجبر لكسر خواطر المفجوعين ، وتعويض لهم عن بعض ما فقدوه من نفع القتيل ، وهنا قضية السماحة الإسلامية هي التصدق بالدية ، تحريضا على التسامح حتى بالنسبة لدية النفس فضلا عن سواها.
وهذه الدية ساقطة فيما إذا كان أهل القتيل كافرين محاربين ، فإنهم يستعينون بها على حرب المسلمين ، ولا دور لهم في استرضائهم ، وهم قد يكونون راضين بقتلة لإيمانه.
وأما أهله غير المحاربين الذين بينهم وبيننا ميثاق فدية الدم لهم ثابتة كما للأهل المسلمين.
وهنا التحرير والدية يختصان بحقل الإيمان قاتلا ومقتولا ، فإن مصبّ الحكم هو المؤمن قاتلا ومقتولا ف (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) اللهم إلا استنادا الى طليق (وَمَنْ قَتَلَ) فإنه يشمل ـ إذا ـ كل الخاطئين في القتل مؤمنين وسواهم وبالغين وسواهم ، ولكن المسؤولية في غير البالغين هي على عواتق أولياءهم.
__________________
ـ الدية وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين الله ودية مسلمة الى أهله.
أقول وعن حفص البختري عمن ذكره عنه (عليه السّلام) مثله بتقديم الدية كما في الآية.
وفي الفقيه عن الصادق (عليه السّلام) في رجل مسلّم في أرض الشرك فقتله المسلمون ثم علم به الإمام بعد فقال (عليه السّلام) : يعتق مكانه رقبة مؤمنة وذلك قول الله : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ ..).