لذلك «كان الرأي من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صوابا من دون خطإ لأنه وحي الله وقد جرى في الأوصياء (عليهم السّلام) (١).
ذلك وقد أكده الله بما أمره أن (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (٥ : ٤٨) حيث يشمل بما أنزله في كتابه وما أراه الله (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (٤٩).
ولذلك ربط الله الإيمان به بأن يحكّموه فيما شجر بينهم (فَلا وَرَبِّكَ لا
__________________
ـ وهي جارية في الأوصياء (عليهم السّلام).
وفي تفسير البرهان ١ : ٤١٣ بسند متصل عن موسى بن أشيم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام) إني أريد أن تجعل لي مجلسا فواعدني يوما فأتيته للميعاد فدخلت عليه فسألته عما أريد أن أسأله فبينما نحن كذلك إذ قرع رجل الباب فقال : ما ترى هذا رجل بالباب؟ فقلت جعلت فداك اما أنا فرغت من حاجتي فرأيك فرأيك فاذن له فدخل الرجل فجلس ثم سأله عن مسائلي بعينها لم يحزم منها شيئا فأجابه بغير ما اجابني فدخلني من ذلك ما لا يعلم إلا الله ثم خرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى استأذن عليه آخر فاذن له فجلس ساعة فسأله عن تلك المسائل بعينها فأجابه بغير ما اجابني وأجاب الاول قبله فازددت غما حتى كدت أن أكفر ثم خرج فلم يلبث يسيرا حتى جاء ثالث فسأله عن تلك المسائل بعينها فأجابه بخلاف ما أجابنا أجمعين فأظلم علي البيت ودخلني غم شديد فلما نظر إلي ورأى ما قد دخلني ضرب بيده على منكبي ثم قال يا ابن أشيم ان الله فوض إلى ابن داود ملكه فقال (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وإن الله عز وجل فوض إلى محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر دينه فقال (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) وان الله فوض إلينا من ذلك ما فوض إلى محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(١) المصدر في كتاب الإحتجاج عن أبي عبد الله (عليه السّلام) حديث طويل يقول فيه (عليه السّلام) لأبي حنيفة : وتزعم أنك صاحب رأي وكان .. لأن الله تعالى قال : لتحكم بين الناس بما أراك الله ولم يقل ذلك لغيره.
وفي الدر المنثور ٢ : ٢١٦ عن ابن عباس قال : إياكم والرأي فإن الله قال لنبيه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لتحكم بين الناس بما أراك الله ولم يقل بما رأيت ، وفيه أخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار أن رجلا قال لعمر (بِما أَراكَ اللهُ) قال : مه إنما هذه للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصة.