يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٤ : ٦٥).
وردف قضاءه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقضائه سبحانه وتعالى : (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٣٣ : ٢٦).
أفبعد هذه التصريحات يخلد بخلد مؤمن أنه كان يتبع رأى الشورى تاركا ما أراه الله ، ولم تعن (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) إلّا أن يشير لهم الى صائب الوحي بصورة الشورى دفعا لهم الى التفكير ، واندفاعا الى ما يوحى الى البشير النذير ، لكي يعرفوه عن تفهّم ، خروجا عن الجمود والخمود وكما فصلناه على ضوء آيتي المشاورة والشورى.
فلقد كان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يحكم بين الناس في كل ما يحكم بنص الوحي ، وعلينا إتباعه في هكذا حكم وهو من الأسوة الحسنة (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) (٣٣ : ٢١) ـ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٣ : ٣١) (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ) (٧ : ١٥٨).
ذلك (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) والخصيم هو المدافع عن الدعوى ، بل كن مدافعا للمحقين بما أراك الله الحق والمحق ، والباطل والمبطل.
وإن كلا الإفراط والتفريط في الخصومة محظور والعوان بينهما محبور ف «من بالغ في الخصومة اثم ومن قصر فيها ظلم ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السّلام).