ولأن التناجي قسم من التشاور ، فلا رجاحة فيه أم لا سماح إذا لم يكن صالح هناك يقتضي المسارة ، ف (أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) قضية المجاهرة بها ولكي يكون أهلها والمستفيدون منها على خبرة واطلاع.
ولقد كان اتجاه التربية الإسلامية من ذي قبل أن يأتي كل إنسان بمشكلته المحتار فيها فيعرضها على القيادة العليا الرسالية مجاهرة بمساءلة علنية إن كانت من الموضوعات ذات الصبغة العامة ، أم مسارّة إن كانت من المصالح الشخصية التي لا يصح الجهار فيها.
والحكمة في هذه الخطة الأديبة الأريبة هي ألا تتكون جيوب انعزالية في الجماعة المسلمة ثم تواجهها بأمر مبيّت مقرر من ذي قبل وكأنهم أولياءهم المتأمرون عليهم ، اللهم إلّا إذا لزم الأمر ف (أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) حسب المصالح الجماعية للجماعة المسلمة.
ولقد كانت المساجد ندوات لهم في مختلف الحقول الإسلامية ، تتلاقى فيها مختلف الطبقات والعقول للصلوات والندوات ، مفتوحة لكل من يقصدها دونما أي حاجز ، معارض للمشاكل لكي تنحل بشورى بينهم ، اللهم إلّا الأمور التي هي من أسرار القيادة في المعارك وغيرها ، أو الأسرار الشخصية البحتة التي لا يحب أصحابها أن تفشو.
والنص القرآني يستثني النجوى التي فيها مصلحة الأفراد أو الجماهير ، تناجيا بالبر والتقوى ، في صدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس.
(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) ١١٥.
ومشاقة الرسول أن تجعل نفسك في شقّ والرسول في شق آخر ، اتباعا