وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) (١٢٦)
هنا رباط عريق بين هذه الآيات الأولى المنددة بالإشراك وبين مشاقة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث المشاقة هذه ـ هي في الحق ـ مشاقة الله ، فمشاقة في الألوهية ، فشق منها لله وشق آخر لغير الله! ، (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) ـ (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) (٢٢ : ٣١).
ذلك هو الإشراك بالله بوجه عام فكيف إذا (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) مهما حلّق الشرك (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) فإنه هو رأس الزاوية في كل إلحاد وإشراك؟
عله لأن واجهة هذا العتاب هم عبدة الملائكة وقد حسبوهم إناثا : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) (١٧ : ٤٠)؟ ولكن أنوثة الملائكة قبل ألوهتهم مندّد بها في القرآن أشد تنديد ، فكيف تعتبر في لفظ القرآن واقعا ثم يندد ـ فقط ـ بألوهتها ، ثم الملائكة المعبودة ليست (شَيْطاناً مَرِيداً)!
وعلّه لأن المقصود هنا هو اللات ـ وهي مؤنث «الله» ـ والعزى ـ وهي مؤنث العزيز ـ ومنات الثالثة الأخرى ، أم وما كانوا يسمونه لكل حي : أنثى بني فلان ، لتأنسهم بالأنثى وإن في الاسم دون المسمى؟.
لكنها كذلك ليست في الحق إناثا مهما سموها وسنّوها في التخيلة الجاهلة العمياء الخواء ، ثم (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) تحلّق على كل معبود من دون الله إناثا وذكورا أم حيوانا وجمادا!.