الأمر بين الأمرين ، دون انحياز إلى جانب والآخر قاحل بلا نصيب ، فالإحسان هو العطف إلى جانب الزوجة والتقوى هي عن الإجحاف بها عدلا في الإصلاح.
إحسانا بحقها وتقوى الله في مصالحتها ، دون أن يحكمه الشح فيما يشتهيه فيفتدي بها لشهوته ، بل عليه ملازمة الإحسان بحقها وتقوى الله في الحقوق التي قررها بينهما.
ولأن الله لا يكلّف نفسا إلّا وسعها فلا يتطلب من البعولة العدل بين النساء في الحب والرغبة ، بل الواجب هو العدل في القسم والنفقة :
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (١٢٩).
«لن» هنا لا تحيل العدل المفروض بين النساء (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) كما يقول قوّالون ، إنها تحيل سماح تعدد الزوجات لأن طليق العدل بينهن مستحيل ، بل الآية تقتسم العدل إلى مستحيل غير مفروض وهو العدل في الحبّ ، وإلى مفروض وهو سائر العدل عمليا في حقل القسم والنفقة.
وميل الرجل «عن» و «إلى» بين نساءه قد يكون قلبيا لا حول عنه فغير محظور(١) أم هو عملي كل الميل ، استئصالا عن بعض وإيصالا إلى
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٥٨ علي بن إبراهيم عن أبيه عن نوح بن شعيب ومحمد بن الحسن قال : سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له أليس الله حكيما؟ قال : بلى هو أحكم الحاكمين قال : فأخبرني عن قوله عز وجل (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) أليس هذا فرض؟ قال : بلى قال : فأخبرني عن قوله عز وجل (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) أي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب فرحل الى المدينة الى أبي عبد الله (عليه السّلام) فقال : يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة؟ قال ـ