(وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً).
هنا المفروض فرض واقع النشوز المخيف ، دون خوف وقوعه أو واقعه غير المخيف ، إنما (تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) خوف لا يصمد له ذو غيرة على أهله ، ولا يجوز السكوت عنه أن يصبر القوّام على زوجته مكتوف اليدين عما يرى من نشوزها المخيف على الحياة الزوجية في أيّ من النواميس الخمسة الواجب الحفاظ عليها على أية حال ولا سيما البيئة الزوجية التي تتبناها سائر البيئات الحيوية.
ولو كان الخوف هنا من وقوع النشوز مستقبلا لظهور أماراته حاليا لما كان ل (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) مكان فإن النشوز المظنون ولما يقع ليس عصيانا ، وكذلك «واضربوهن» فإنه الأخيرة من درجات النهي عن المنكر.
ومن النشوز المخيف «فاحشة مبينة» (١) تستحق هذه التأديبات الثلاث مترتبة تلو بعض ، وإن كانت هي الزنا وهي لا تتوب ففراق بطلاق أم دون طلاق كما فصلناه في آية النور : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٢٤ : ٣) فإنها تخصص
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٥٥ أخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص انه شهد حجة الوداع مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فحمد الله واثنى عليه وذكر ووعظ ـ إلى أن قال ـ : واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا الا وأن لكم على نساءكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فاما حقكم على نساءكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون وان حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.