(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) ٤٣.
آية فريدة لا ثانية لها إلّا آية المائدة إلّا في صدرها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وتفصيل البحث حول تفاصيل الطهارات الثلاث موكول الى آية المائدة ، وتختص آية النساء هذه بصدرها ونزر من تمامها والله الموفق لهداه.
والتريب الطبيعي تصاعديا في بيان تحريم الخمر يقتضي نزول «لا تقربوا» بعد (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) (٧ : ٣٣) فإن الإثم هو ما يبطئ عن الصواب والثواب ، وهنا الخمر مبطئ عن أفضل صواب بثوابه وهي الصلاة ، وأما آية النحل : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) (٦٧) فكما تناسب تقدمها عليها كذلك وتأخرها والتقدم أنسب حيث التعبير عن الحرمة فيها أخف فهي الى السبق أقرب ، ومن ثم آية البقرة (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ...) (٢١٩) وبعد الكل آية المائدة أنها (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) (٩٠).