(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) ٢٩.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢ : ١٨٨).
في آية البقرة تلحيقة تحمل أنحس مصاديق الباطل : (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ..) وهنا استثناء منقطع يستثنى به الحق المنقطع النظير من الأكل بالحق وقد فصلنا القول حول آية البقرة وهنا مزيد.
في الاستثناء المتصل نعرف الحصر في المستثنى ويعاكسه المنقطع حيث الحصر فيه في المستثنى منه ، وبصيغة أخرى علّها أحرى ، الحكم في جملة الاستثناء مستغرق في المستثنى المتصل ، وهو في المنفصل مستغرق في المستثنى منه.
إذا فالأكل بالباطل محرم بصورة طليقة لا تستثنى على آية حال ، وقد يكون الاستغراق فيه أغرق من المستثنى ، حيث يقبل المستثنى في المتصل قرينا بدليل يعرف منه أن الاستثناء نسبي ، وما هكذا المنفصل فإنه نص في استغراق الحكم في المستثنى منه فلا يقبل استثناء على أية حال.
ثم المستثنى لا يعني إلا أفضل الأكل بالحق ، فكذلك ـ إذا ـ سائر الأكل بالحق كما يراه العرف والشرع حقا كالأكل بالهبة والهدية والصدقة والنفقة أماهيه من الممضيات شرعا مهما لم تكن ممضيات عند العرف أو كانت ، فليست الآية ـ إذا ـ منسوخة ولا مخصّصة في حل الأكل بغير تجارة عن تراض إذا لم يكن أكلا بالباطل.
فمحظور الأكل بالباطل ـ وهو التصرف الباطل ـ ضابطة ثابتة تحلق على