ما يهتك حرمة بيت الله وعباد الله ، وان المسجد هو ضمن المعني من الصلاة ملازمة شرعية وواقعية في حقل المتشرعين ، ولذلك استثني (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) فالحظر يعم الصلاة المقامة في المسجد وسواها ، وكذلك الدخول في المسجد لصلاة وسواها ، فإنهما محظوران للسكران حتى يعلم ما يقول ، وللجنب حتى يغتسل ، وحال السكران بالنسبة للمسجد أسوء إذ لا يجوز له عبوره كمقامه.
ثم وكيف ينهى السكران عن الصلاة حالة السكر وهو لا يعقل فلا يكلف بشيء؟
ذلك النهي له موردان أهمهما أن ينتبه المؤمن مدى المحظور في السكر فلا يسكر كيلا يمنع عن الصلاة فهو ـ إذا ـ منع عن شرب الخمر فالسكر ، ثم إذا سكر فقد يفهم أمر الله ونهيه إذ ليست به جنة تسقط التكليف ، ومن ثم إذا وصل السكر لحد الجنون فالنهي الموجه اليه يوجه إلى من يراه يصلي او يدخل المسجد كما في الذين لم يبلغوا الحلم : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ...) بفارق أن واقع الحرمة ثابت على هكذا سكران مهما لا يعقل ، حيث الامتناع بالاختيار لا ينافي الإختيار.
(وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
«سبيل» هنا ـ دون ريب ـ هي سبيل المسجد وقد لمحت له «الصلاة» إذ لا سبيل للصلاة ولا عبور ، ولا تشرط الطهارة في عبور كل سبيل ، وعناية المسافرين من (عابِرِي سَبِيلٍ) مرفوضة حيث يذكر حكم المسافر والمريض دون فصل أنه التيمم ، ثم المسافر قد يجد الماء فلا يعم التيمم كل مسافر وكما لا يخص العذر به ، وصحيح العبارة عن المسافرين هي «المسافرين» نفسها دون (عابِرِي سَبِيلٍ) الشاملة لكل عبور.
إذا فهي سبيل امكنة الصلاة المخصصة لها وهي المساجد.