وقد تكون هذه السبيل سبيلا للتعرف إلى مدى ملازمة الصلاة مع المسجد كما هي لزام الجماعة ، فالآيات الآمرة بالركوع مع الراكعين تفرض الفريضة في جماعة ، وهذه تلمح بلزوم الجماعة في المسجد ، فقد يعفى عن عبوره للجنب دون أي مكوث ولا تجوّل بلا عبور (حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
وترى المتيمم حال عذره عن الاغتسال له المكوث في المساجد لأن التراب أحد الطهورين؟ كلّا حيث الغاية المسامحة له هي (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) دون : «تتطهروا».
فقد انحصر بنص الغاية هذه أن الجنب قبل اغتساله لا يدخل المسجد إلا عابرا دون فرق بين المتيمم عن الجنابة وسواه ، ولا تعني (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) في المائدة إلا واجب المصلي ، فالتراب أحد الطهورين هنا للصلاة لأنها فريضة لا تترك بحال ، لا ودخول المساجد لأنه ليس فريضة إلّا ضمن الصلاة ، وواجب الصلاة جماعة في المسجد من باب تعدد المطلوب ، والثابت من هذا المثلث هو الصلاة لآية المائدة ، دون المكوث في المسجد لآية النساء هذه وصحاح الروايات.
وعموم المنزلة للتيمم عن الطهارة المائية ـ إن كان ـ مخصّص بالآية في دخول المساجد (١) في التيمم بدلا عن الغسل ، اللهم إلّا المسجد الحرام لمن ضاق
__________________
(١) مثل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال قلنا له : الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال : الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) (الوسائل ب ١٥ من أبواب الجنابة ح ١٠) واما خبر محمد بن القاسم قال سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن الجنب ينام في المسجد فقال (عليه السّلام) يتوضأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه» (المصدر ح ١٨) فمحمول على حالة الضرورة.