(وَاتَّقُوا اللهَ) على أية حال ، حال وقاية أنفسكم وذويكم وما ترغبون ، وسائر الحال في سائر المجال ، حيث الأصل في الحيوية الإيمانية هو تقوى الله ، لا فقط أن تقوا أنفسكم بمختلف المحاولات ، ولا بد أن تقوا أنفسكم نارا أوقدها الله ، لا فقط أضرارا في هذه الحياة الفانية : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ).
فتقوى الله هي الميّزة البارزة كالأعلام لرعيل الإيمان ، لا تتبدل في مختلف الظروف والملابسات ، أما الصديق والعدو ، والعادل والظالم ، وأيا كانت واجهتك.
ذلك ، ولأن الجرم هو قطف الثمرة قبل إيناعها ، ف «لا يجرمنكم» تعني لا يقطعنكم شنآن قوم عن ثمرة الإيمان وهي العدل (عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) فإن أصعب ظروف العدل هو الذي يكون أمام العدو الضاري ، فأكثر شيء مسموح معه هو الاعتداء بالمثل عدلا.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ٩ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ١٠.
هنا تقابل بين أصحاب النعيم وأصحاب الجحيم ، هناك بنعيم الإيمان وعمل الصالحات ف (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) عن الخطيئات (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) على الصالحات ، وهنا جحيم بجحيم الطالحات كفرا وتكذيبا بآيات الله وأعمالا طالحة دون ذلك هي قضية الكفر والتكذيب.
ذلك ، ومن لطيف الوفق بين الجحيم والعقاب أن كلّا منهما يذكر (٣٦) مرة بمختلف صيغهما في الذكر الحكيم ، لمحة أن الجحيم هي العقاب وما سواها كأنه لا عقاب!.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا