بالرسالة الإسلامية ، المحرفة عندهم بشائرها ، وإن لم يدخلوا في ظل الإسلام بالتمام.
ولقد نرى من العداوة المغراة بينهم طول تاريخهم حروبا طاحنة حتى انتهت إلى حروب عالمية بينهم أنفسهم مما تهددهم بالفناء والدمار.
ولقد سال من دماءهم على أيدي بعضهم البعض ما لم يسل في حروبهم مع غيرهم في التاريخ ، سواء أكان لخلافات مذهبية أو على السلطات الزمنية أو الروحية ، أو الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ذلك ، وإغراء العداوة والبغضاء وإلقاءهما ليس يختص بالهود والنصارى لأنهم هود ونصارى ، بل هو بما نسوا حظا مما ذكروا به ، فكذلك المسلمون إذا نسوا ما نسوه وكما نرى بينهم حروبا مهما كانت أقل بكثير منهم أولاء حيث نسوا حظا أقل منهم.
ولكي يتذكروا بأهم حظ نسوه يخبرهم الله بواقعه الذي يعيشونه مخاطبا أهل الكتاب كلهم :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ ١٥ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ١٦.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ) والكتاب مفردا يلمح أولا أن التوراة والإنجيل يحملان شرعة واحدة فلا مزيد في الإنجيل إلّا أنظمة خلقية عالية تحتاجها اليهود القساة العصاة ، ونزرا من تحليل ما حرم عليهم عقوبة وابتلاء.
وثانيا أن كتب السماء كرسالات السماء هي سلسلة واحدة بين الله والمرسل إليهم ، وحدة في العمق والاتجاه مهما اختلفت فيها طقوس عملية قضية الابتلاء والاكتمال ، ومن ثم فالكتاب جنس يشمل كل كتاب.