بالتجاهل عنه وعصيانه فعليهم سوء الدار ف (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٤ : ١٢٣).
ذلك ، فلئن سأل سائل كيف أصبح (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) جوابا ناقضا لدعواهم ، وهم ناكرون عذاب الأخرى ، ومؤولون عذاب الدنيا بأنه ابتلاء الأولياء كما كان لمحمد (ص) وأصحابه.
فالجواب انهم مقرون بعذاب مّا يوم الأخرى حيث قالوا (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) (٢ : ٨٠) وقد جعل بأسهم بينهم يوم الدنيا حيث أغريت العداوة والبغضاء بين النصارى وألقيت بين اليهود ـ المتخلفين منهم ، وجعل من اليهود قردة ومن النصارى خنازير.
وما ابتلاء الرسول (ص) والذين معه إلّا بأعدائهم دون أنفسهم مع بعض البعض ، ولئن يبتلى المسلمون بعذابات طول تاريخهم فهي بما كسبت أيديهم.
ومن ذا الذي لا يميّز بلية العذاب عن سائر البليات التي هي من قضايا الإيمان ، فالذي يقتل في سبيل الله بليته من أقضى قضايا الإيمان بالله ، وأما الذي يجعل قردا أو خنزيرا بإرادة الله دون سواه ، والحروب الطاحنة بين المسلمين أنفسهم وما أشبه ، هذه صور مختلفة من بلية العذاب وهي في الآخرة أنكى وأشجى.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٩).
(.. يُبَيِّنُ لَكُمْ) ـ (كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ) سلبا لخرافات وانجرافات و (يُبَيِّنُ لَكُمْ) قصّا عليكم (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)