كانوا يخافون الله ويرجون ألّا يخافوا إلّا الله ، فأنعم الله عليهما من بينهم أن حصرا خوفهما بالله.
فجعلهما لا يخافان مع الله أحدا ، ف «من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء» وقد يعني «يخافون» الخوف من العمالقة الجبارين ولكنهما يمتازان عمن سواهم أن (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بخوف من الله يتغلب على خوفهما منهم ، أم أصبحا لا يخافان هؤلاء ، فإنما يخافان الله.
وقد يصحّ عدّهما من النقباء الإثني عشر من بني إسرائيل السابق ذكرهم ، فإذا قد تعني (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) هؤلاء النقباء الخائفين الله دون سواه ، (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) من بينهم بنعمة خاصة ، أو أنعم الله عليهما معهم حيث الكل «يخافون» الله لا سواه.
ذلك ، و (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) صفة لها بعد صفة ، فهما رغم أنهما (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) قد (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) فقلّ خوفهم عن الجبارين أم زال ، ولم يكونوا من القائلين الغائلين (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها ..) بل هما من الذين يخافون ككل ، ولكنه خوف تغلبت عليه نعمة الله.
وهنا أقل محتد روحي للرجلين أنهما من الصالحين الكمّل ، وقد يحتمل كونهم من الشهداء أو الصديقين (١) أو النبيين حيث هم من المنعم عليهم : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٤ : ٦٩).
ولكن «رجلان» و (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) قد تبعدانهم عن منصب
__________________
(١) مما قد يصدق أنهما كانا من الصديقين من خلفاء موسى (ع) ما في نور الثقلين ١ : ٦٠٦ عن تفسير العياشي عن أبي جعفر عليهما السلام (قالَ رَجُلانِ) أحدهما يوشع بن نون ووكلا بن ياخثا (كالب بن يافنا) وهما ابن عمد.