تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢)
«شَعائِرَ اللهِ» هي معالم الله ومذياعات شرعته بين الجموع ، وهل هي جمع «شعر»؟ وهو «شعرات» أو جمع «شعار»؟ وهو «شعارات»!.
إنها جمع «شعيرة» وعلّها من الشّعر أو الشعير والتاء للمبالغة ، والأصل فيهما الإعلام بدقة وشعور ، فإنها تشعر ببالغ العبودية ، والمشعرة هي المعلمة كما الإشعار هو الإعلام ، ولكن إعلام بشعور ودقة بالغة.
فقد تكون العبادة فردية إن أتي بها في جماعة ، وهي تدل دلالة ظاهرة على العبودية كالصلاة والصوم وما أشبه ، وهي ليست من شعائر الله ، إذ ليست جمعية حتى تكون مذياعا ومعلمة باهرة لشرعة الله ، ولا أن دلالتها على العبودية بحاجة إلى دقة وهمامة ، كما ولا تدل على بالغ العبودية لظاهر معناها ومغزاها.
وأما شعائر الله فهي العبادات الجمعية ـ ولا سيما في مؤتمر الحج العالمي ـ التي تدل على بالغ العبودية حيث العبد يأتي بها ولا يشعر ـ في الأكثر ـ معانيها ، فهي أوقع في العبودية إذ لا يؤتى بها ـ بطبيعة الحال ـ إلا خالصة لله حيث لا تعلم مصالحها صراحا ، كما وهي ـ في نفس الوقت ـ تدل بكل دقة وشعور على معانيها العالية الغالية.
إذا فشعائر الله هي الدالات لمن يرونها ويسمعونها على بالغ العبودية لأصحابها ، وعلى بالغ المغزى الجماهيري لمشرّعها ، وعلى بالغ الحاجة إلى تدقيق رقيق لتفهم معانيها ، فهي ـ إذا ـ مذياعات ومعالم مثلثة الجهات تعريفا بجملة الشرعة الربانية ، وهي مستعبدات الله التي أشعرها للناس تبيينا لهم كل مراداته من شرعته بلغة العمل مهما كان وقوفا في مواقفها.
فالعبادات غير الجمعية ، أو الجمعية غير الدالة على طبيعة الشرعة بكاملها ، أو الدالة عليها ، غير دالة على عمق العقيدة لفاعليها ، وعمق