حجة الوداع ـ إلى أن قال ـ فقال : أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا : هذا اليوم ، فقال : أي شهر أعظم حرمة؟ فقالوا : هذا الشهر ، قال : فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا : هذا البلد ، قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلّغت؟ قالوا : بلى ، قال : اللهم أشهد ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فإنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلّا بطيبته نفسه ولا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفارا» (١).
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧).
النبأ هو خبر ذو فائدة عظيمة ، وهذه التلاوة المباركة تحمل عظيم الفائدة وجسيم العائدة لبني آدم ككل ، درسا عن ابني آدم الأولين لآخرين منهم إلى يوم الدين.
فليسا هما ابني رجل إسرائيلي سمي بآدم ، زعم الاستيحاء من (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ ..) فإنه علم لأبي البشر الأوّل ، لا يعني في سائر القرآن ال (٢٥) مرة إلّا إيّاه لا سواه ، ولئن سمّي غيره باسمه فيؤتى في يتيمة قرآنية كما يزعم هاهنا ، فواجب الفصاحة والبلاغة القرآنية القمة قرن قرينة صارحة صارخة تحوّله عن مسماه الأصيل إلى بديل.
ثم وقصة الغراب غريبة عن الجيل الإسرائيلي المتحضّر الغارق في دماء الأبرياء طول خطوطها وخيوطها ، ألّا تعرف كيف يوارى سوأة القتيل ، حتى يبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه!.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٣ القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أسامة زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) أن رسول الله (ص) وقف ...