وجزاء في الآجل أشد الجزاء ـ (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٤ : ٩٣) مهما كان جزاء في العاجل نفس الجزاء لمن قتل مؤمنا متعمدا لا لإيمانه ، والفارق بينهما ـ هنا ـ ألّا ينتقل قوده إلى دية ولا تقبل توبته ، وفي الأخرى ذلك العذاب الأليم.
ثم العمد الثاني هو أن يتعمد بالضرب القتل فقتل به ، وهنا القصاص كحق ثابت لأهل المقتول إلّا أن يعفوا أو يرضوا بالدية بديلا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢ : ١٧٩).
ذلك هو العمد المحض ، فهل إذا ضرب بما لا يقتل عادة بقصد القتل فقتل ، أم بما يقتل عادة لا بقصده فقتل كان كقتل العمد؟ لعلّه لا حيث النتيجة تابعة لأخس المقدمات ومنها غير معمدة كوسيلة القتل في المثال الأوّل ، وقصده في الثاني ، وعلّه نعم لا سيما في الأوّل حيث قصد القتل ، فهو قاتل عمدا مهما لم تكن الآلة قاتلة ، وقد تؤيد المعتبرة المستفيضة كالصحيح عن أبي عبد الله (ع) «سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع عنه الضرب حتى مات أيدفع إلى أولياء المقتول؟ قال : نعم ولكن لا يترك يعبث به ولكن يجاز (يجهز) عليه بالسيف (١) ..
فالضارب بما يقتل عادة وهو يعلم قاتل عمدا وان ادعى عدمه أو أنه لم يعلم ، إلا إذا ساعده ظاهر الأمر ، ثم الضارب بما يقتل عادة لا بقصده قد لا يكون عامدا ، اللهم إلا إذا لم يعلم قصده فمحكوم بظاهر الأمر وقد تشمله الصحيحة.
__________________
(١) ونحوه خبر موسى بن بكير وغيرهما كما في التهذيب ٢ : ٤٨٩ والفقيه باب القود ومبلغ الدية تحت رقم ١ وباب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيها دون النفس تحت رقم ٣.