أصيل في القصاص لقوله تعالى (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وآية البقرة لا تنسخها إلّا في (الْحُرُّ بِالْحُرِّ ... الْأُنْثى بِالْأُنْثى) إذا فالذكر يكافئ أنثيين لآية البقرة فلا قود في غير صورة التكافؤ مهما كثرت صحاح الأخبار لجوازه وتقابلها أخرى (١).
(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٣٤) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٤).
هاتان اليتيمتان المنقطعا النظير في كل القرآن توضّحان كل ما أجمل في آيات سماح القتل وجيرانه من حد في الشرعة القرآنية ، توسيعا في زاوية وتضيقا في أخرى لما جاء في الشرعة التوراتية ف (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ..) (٥ : ٤٥) الحاصرة سماح القتل بالقتل .. وكذلك (نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ) هنا ، المكتوبتان كما هنا وهناك في التوراة ، توسّعان إلى غير القتل في (الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) حيث المحاربة لا تستلزم قتل نفس بغير حق ، فقد يحارب الله ورسوله ولا يقتل مؤمنا بل يجرفه إدغالا وإضلالا عن الدين ، كما أن (أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) قبل الآية تضيق ب (يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) فالمفسد في الأرض دون سعي لا ينفى عن الأرض فضلا عما فوقه المذكورة قبله.
هنا حدود اربعة تختص بحقلي : محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فسادا ، مما يتطلب بحثا عميقا وفحصا أنيقا حول ألفاظ الآيتين وجملهما ،
__________________
(١) ومنها حسنة أبي العباس وفقا للآية وسنادا إلى الآية (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ).
وكما لا يجوز القود في قاتل واحد بمكافئة إذا عفى بعض اولياء الدم عن نصيبه لقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) ....